اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو

كيف يتعامل المسرح مع وعي الطفل و ثقافته ؟

 

 تحقيق /علي صحن عبدالعزيز

تستأثر المواضيع التي تكتب عن الأطفال والمراهقين بأهمية خاصة ، وذلك لإرتباطها التربوي والثقافي معهم بصورة مباشرة ،ويشكل مسرح الطفل إحدى الوسائل الممتعة والمسلية التي تخاطب مشاعرهم وتؤثر على سلوكهم وتربيتهم ،فقد أثبت الدراسات الحديثة بأن المسرح يمكن أن يكتشف شخصية الطفل ومدى تأثره فيما يعرض من مسرحيات. (فضاءات نيوز ) إستطلعت آراء المختصين في المسرح بمختلف إختصاصاتهم ،وطرحت عليهم جملة من الأسئلة في عدة إتجاهات ومنها ، هل يكتسب الطفل لغة جديدة من خلال مشاهدته العروض المسرحية ، وما مدى مبرارات الإهتمام بمسرح الطفل من جديد وخصوصا بعد أحداث عام 2003 ، وكيف تقرأ إسلوب لغة المسرحية ،حيث تميل أغلبها إلى إبداء النصح والتوجيه ،بالإضافة إلى أننا لم نشهد اليوم مسرحية تساعد على تربية الأطفال والمراهقين ،ماعدا زج مقاطع هزلية تحاول دغدغت حواسهم الفطرية ، وماهي قراءتك في تأثير المسرح على الأطفال؟
وسائل إيحائية
إيمان الكبيسي/دكتوراه فلسفة تربية فنية /مسرح الطفل :يتفرد مسرح الطفل بسمات تميزه من مسرح الكبار، منها الإهتمام بمراحل النمو المختلفة عند الطفل تنميته بشكل سليم، لما للطفل من أهمية كبيرة في المجتمع وتكون هذه التنمية عبر عملية داخلية دورية متصلة تحدث بأستدامة وهي عملية متصلة، إذ إن الكثير من علماء سيكولوجية الطفل، أمثال (جان بياجيه )و(سوزانا ميللر) إهتموا بمسألة تقسيم الأعمار وإدراجها ضمن فئات منفصلة عن بعضها البعض، لتشغل حيزاً مهماً في الأبحاث العلمية المتخصصة بعلم نفس الطفل، فمن الضروري الإهتمام بدراسة خصائص كل مرحلة من مراحل الطفولة والتعرف على خصائص وميول ورغبات وإحتياجات كل منها، وذلك لغرض تقديم إنتاج مسرحي للطفل ذا جدوى ، فلكل مرحلة أو فئة عمرية خصائصها النفسية والإجتماعية التي تحدد القدرة في تسلم الخبرات الجديدة التي يوفرها العرض المسرحي، وتسلم المعلومات بدقة، ومما لاشك فيه أنَّ معرفة المميزات والسمات العامة التي تحكم مراحل الطفولة ستساهم بشكل أو بآخر في إيصال الفكرة أو الموضوع المسرحي إلى ما يريده الأطفال وينفعلون ويتأثرون به، وبذلك يتحقق الهدف التربوي الذي من اجله وجد مسرح الطفل، أما بخصوص تعلمه لغة جديدة ، فقد يكون الطفل غير قادر على إستيعاب لغة يصعب فهمها، كونه لم يبلغ النضج الكافي لمتابعة مسرحية حوارية بلغة عالية، فالطفل يميل إلى محاكاة الدمية وتجذب إهتمامه الأصوات والألوان المنظر والإضاءة ، إذ تعمل كل تلك العناصر كمنظومة متكاملة ضمن نسق علاماتي متناغم يمثل لغة صورية اخرى بالتوازي مع اللغة الحوارية المبسطة، كون اللغة الصورية تخاطب أكثر من حاسة لدى الطفل ، وتبعث البهجة والسرور والفرح وتثير المتعة والتشويق في ذات الطفل ، بعيداً عن كل ما يثير الخوف كشخصية العفريت والعنف والإجرام ،ولذا فإن مبرارات الإهتمام بمسرح الطفل من جديد ،ماحدث قبل (2003) من أحداث وصراعات كانت لها تبعات ألقت بظلالها على فترة ما بعد (2003) مما أدى إلى تغير شامل في البنى القيمية للمجتمع عموما ولفئة الشباب على وجه التحديد، فعم الفساد وإنتشرت المخدرات وغاب الوعي وإنحسرت الثقافة، هنا يعتلي المسرح صهوة جواده ويستثمر وسائله في بناء منظومة قيمية تبدأ بالطفل كونه الاستثمار الامثل لبناء مجتمع قويم ،وفيما يتعلق بتأثير المسرح على الأطفال ،فنظرا لما لدى الطفل من ميول وسلوكيات ومشاعر خاصة تجعله سريع الضجر والملل من أي رتابة، ينبغي على مسرح الطفل مراعاتها عبر توظيف الوسائل الايحائية غير المباشرة في توجيه المعرفة واكتساب الخبرة، فلمسرح الطفل تأثير سحري على شخصية الطفل ما حمل المهتمين بالتربية إلى جعله أنجع الوسائل التعليمية وإشراك المسرح في تعليم وتبسيط المحتوى العلمي الجاف، وربما كان (مارك توين )من اهم من تنبه لخطورة وأهمية مسرح الطفل عندما قال عنه :بأنه أهم إبتكارات القرن العشرين ،وهذا ما ينبغي أن تتنبه له مؤسساتنا التربوية وتستثمر ما يقدمه المسرح من خبرات لتنشئة جيل يرى في الله حبا لا نار.
صياغة شخصية الطفل
نبيل محمد ساق الله/كاتب ومخرج : لا يمكن عزل الطفل عن المجتمع ،كيف وهو يعيش نفس الحياة ونفس الظروف وخصوصا في عالمنا العربي، حيث في بعض الحالات يعيش الطفل العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص رجولة مبكرة ،ولذا وجب الإهتمام في تنشأة الطفل وثقافته ووعيه ،ولا شيء أقدر من المسرح في صياغة شخصية الطفل، ويجب أن نتذكر في القرن الحادي والعشرين بأن وعي الطفل زاد وقدراته العقلية تطورت بشكل كبير فهو قادر على التعامل مع الهواتف الذكية ،فلا يجوز التعامل مع الطفل بعقلية منتصف القرن الماضي ، يجب التعرض لحقوق الطفل بشكل يرتقي إلى آمال وطموحات الطفل والإنسان العربي ، والمسرح أهم أدوات التعبير والتغير وبناء القدرات والشخصية وهو الإعلام الغير مباشر والأكثر أهمية وتاثيرا والأقرب إلى القلوب.
تطوير المهارات الحسية
عبد الكريم الخزاعي /دكتور طب عائلي أطفال وعلم النفس : المسرح هو محاكات الواقع من خلال الواقع نفسه ، وبما أن علم السلوكيات والتربية الحديثة يبنى على تطوير المهارات والقدرات لدى الأطفال منها ، اللغوية ، زرع روح المبادرة ، تعزيز الثقة بالنفس ، تطوير المهارات الحسية والحركية ، والصوتية والبصرية ،وضبط لغة الجسد،ولعمل ضمن فريق والتعايش والمشاركه الجماعية، ولكون المسرح يعتبر المنشط الرئيسي لهذه الحوافز ، يمنحه فرصا أكبر للتغلب على تلك الصعوبات ،وبالتالي يولد التصحيح الذاتي للسلوكيات غير المرغوبه، ويحتفظ بالقدرات المكتسبة ويرجح أن يكون مسرح الأطفال سهل وسلس ومطعم بالدعابة ويتناسب مع أعمارهم ،هذه نظرتي لمسرح الأطفال أنظر لها من الناحية الصحية لبناء وتكوين شخصية الفرد قبل وبعد إنسلاخه من الحماية الأبوية.
للمسرح أهداف مباشرة
علاء كريم /ناقد ومخرج مسرحي /رئيس بيت المسرح في الأتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق :
يشكل مسرح الطفل تواصل حقيقي منظم مع الأطفال من أجل تحقيق أهداف تربوية، ونفسية، وحركية، لا ترتبط بالإبداع الفني حصراً، بل بالإبداع عن طريق التفكر لأنه عملية ذهنية وليس وسيلة تعبير فقط، ولهذا فللمسرح أهداف مباشرة تعمل على تنمية ذائقة الطفل وتوجهه، عبر المنظومة التقنية لمسرح الطفل وأبعادها الجمالية المتعددة، وفق إشتغال عناصر تكوينه الأساسية في فضاء هذا المسرح المنفرد بخصائص تميزه عن مسرح الكبار، وتدعو إلى الإهتمام بمرحلة أو مراحل النمو المختلفة عند الطفل ومخيلته الحسية التي تميل إلى محور الفلسفة الجمالية وكيفية إنتاجها للصورة الحسية، بشكل يمكننا الإستفادة منها في صياغة الفكر الفلسفي المرتبط بالموضوع الجمالي وبالأشياء المحسوسة عند الطفل، وإيجابية منها إنشاء ورشة لكتابة النص لأنه أساس البنية الجمالية في العرض المسرحي، كما أن النص يتصل بعملية صناعة الوعي على شكل يتفق مع المبادئ الحياتية، كما كان هنالك إتفاق على العمل في المستقبل القريب لتطبيق هذه المحاور العلمية والمعرفية في مساحة المسرح الجمالية وعبر إنتاج عمل مسرحي خاص بالطفل للمسرح مكان مهم ومثير للطفل لأن مرحلة تكوينه العقلي، والبدني والنفسي، والإجتماعي، تسمح له أن يستقبل كثير من القيم التي تعتمد أو تعنى بالجانب التربوي.
دور المسرح المدرسي
عبد الصاحب إبراهيم اميري/مؤلف للمسرح وسيناريو وقاص ومخرج ومنتج :
هنالك إتفاق سائد بأن للمسرح ثاثير كبير في تثقيف الشعوب وتعليمهم ،وإن المشاهد يتأثر بها به درجات مختلفة حسب تلقيه، والطفل عادة يعتبر خامة جيدة للعمل عليه وتزريقه بما نريد ، ولذا هنالك بعض الشروط ومنها أن يكون لدينا مسرحا عاملا ، أي عروض دائمة والجانب الثاني أن تكون تلك العروض بمتناول اليد ، أي أن الطفل يستطيع الوصول اليها ،والأهم من ذلك أن تكتب للاطفال شكلا ومضمونا لكي تكون العروض بتناول اليد ،علينا أن ننقلها للمسرح المدرسي ، وإذا امكن أن تكون هنالك حصة أو حصتين ، تقام في صالة المدرسة لتثقيف الطالب مسرحيا،بالإضافة إلى تصوير العروض التي تقام في المدارس الأخرى وعرضا كشريك أو دعوة الفرق المسرحية ، ولا ننسى الرقابة التربوية على النصوص . تقليد الكبار عباس النجار /كاتب ومخرج مسرحي : لابد لنا من التعامل مع الأطفال وثقافة عقولهم ،وننزل إلى مستواهم ثم نرفع الموضوع تدريجا كي يتعشق الطفل مع الموضوع ،ولاشك بأن يستأثر المواضيع التي تكتب عنه ،وأنا حاليا لدي ثلاث افلام عن الأطفال اعتمدت فيها على أسلوب سهل جدا المعاملة معهم ، فالطفل الموهوب يستوع أكثر للفكر المسرحي لأنه يحب يقلد الكبار ويقلد كل شيء ويمكنه كسب الطفل لغة جديدة ويتفاعل أكثر بدور التقمص أو التقليد.
ضرورة إنتشار المسارح أمجد حمزة الكناني /مخرج وممثل مسرحي: لو تأملنا قليلاً في ماهية عقل الطفل من حيث الإستيعاب بكل ما يطرح امامه ،لوجدناه أرض خصبة مهيئة للزراعة، ولكن للأسف الشديد مع علم أهل الإختصاص وأصحاب القرار في هذا الأمر أن المسرح له تأثير كبير ومباشر على هذه الفئة وتثقيفها بطريقة مقبولة وغير مملة وقريبة لاذهانهم ولا نعرف لحد اللحظة لماذا هذا الإهمال من قبلهم؟ ونرى غيرهم يريد أن يبادر ولكن لا يمتلك الأدوات ،ومن هنا نرى البعض إستغلوا هذا الفراغ وملؤه بطريقة عشوائية وغير مهنية وإثروا سلباً بطرح أفكارهم، وأنا بتقديري واقعيا للمسرح تأثير كبير على تثقيف الطفل،ونأمل بأن ينتشر مسرح الطفل في عموم الموسسات التربوية، وتأخذ على عاتقها المؤسسة التربوية والثقافية للنهوظ بجيل واع مثقف أسوة بالشعوب المتقدمة فكريا. المسرح فن إجتماعي ستار الصيفي :يشكل مسرح الطفل وأثره في تربية الأطفال دورا كبيراً ومؤثراً وحيوياً عن بقية الفنون الأخرى كالنحت والرسم والخط , وذلك عن طريق مخاطبة عقول الأطفال مما يجعله أشد تأثير وأكثر خطرا في هذا المضمار, بحكم كونه فنا إجتماعيا يستدعي المشاركة الفعالة لأكثر من عنصر وإختصاص, أي أن مسرح الطفل له القدرة في إستيعاب معظم جوانب الحياة والمعرفة المتعلقة بالتربية والتعليم فضلاً عن تحفيز الحس الجمالي والذوق الفني , إن الإهتمام بمسرح الطفل من قبل الجهات المختصة يعني الإهتمام بأفضل وأنجع الوسائل التعليمية والتربوية ،فهو أقوى معلم للأخلاق وهو خير دافع للسلوك السليم ،وهنالك أمر يجب الإنتباه إليه , وهو أن العروض المسرحية الخاصة للطفل والتي تتسم بروح الفكاهة سواء عن طريق المفارقات الكوميدية في الأحداث أو في الشخصيات أو حواراتها, فالأطفال يقفون موقفاً مرحاً من الحياة وحتى عند تقديم الشخصيات السيئة أو الشريرة ،يجب تقديمها بأسلوب يحملنا على كرهها لكن يجب الحرص ،وهذا ما يجب أن ننتبه إليه ونحرص على أن لا يتغلب عنصر المرح والفكاهة هذه لجعل العرض الفني مجموعة من الفكاهات ،وإلا أنصرف الأطفال عن فكرة العرض وعن العرض بأكمله إلى إنتظار ما يثير إبتسامتهم.
فسحة وغذاء روحي عباس مكي العبودي /مخرج مسرحي وسينمائي : بطبيعة الحال يمثل المسرح الخطوة الأولى لبناء جيل ومستقبل زاهر ،كون هو البداية لكل شي وكما قيل التعلم بالصغر كل النقش على الحجر ، عندما يكون للطفل مسرح يجب أن نعلم يكون الطفل أسرع جهاز يحفظ ويلتقط أي حركة او فكرة تطرق السمع والبصر، لذلك يجب ان يكون العرض المسرحي على حذر عندما يقدم من طرح فكرة أو نص ،وما يؤسفني أن أقول بأنه لا يوجد لحد الآن مسرح خاص للأطفال، مع العلم توجد لدينا طاقات فنية وقاعات موجودة في جميع أنحاء العراق ومنتديات شبابية ومنظمات المجتمع المدني التي تحمل شعار الطفل والاسرة، لكن للأسف لا يوجد المسرح والذي يمثل فسحة وتربية وغذاء روحي للأطفال ،لا يوجد إهتمام ونستطيع القول بأن مسرح الطفل على وشك الإنقراض، ونطالب أن يعاد النظر من قبل المختصين بشأن الطفولة بالمسرح ،وأن يكون المدرسة الثانية للطفل،وإختم القول( اعطني خبزا ومسرح اعطيك شعب مثقف) ليعود مسرح الأطفال وينهض من جديد لنضمن للطفولة مستقبلها الزاهر . أعمال كوميدية هابطة حسن البصري /سيناريست : يعد مسرح الطفل من الفنون المهمة في يومنا هذا ،حيث يتم من خلاله تنمية الطفل واكتسابه الوعي الثقافي والاجتماعي،ولاشك بإستطاعة الطفل ان يتعلم اكثر من لغة من خلال مشاهدته للعروض المسرحية التي تكتب بحرفية و مراعاة مستواهم العلمي، حيث يتم من خلال العرض المسرحي طرح عدة ثقافات لشتى بلدان العالم على سبيل المثال لو تتناول بعض العروض حياة البلد المجاور تركيا ويكتب بأسلوب بسيط وكوميدي هادف، يمكن من خلاله ان يكتسب الطفل لغة ويتكون بداخله شغف لتطوير معرفة حياة تلك الدولة ولغتها، ولقد شاهدنا إهتمام ملحوظ بمسرح الأطفال بعد أحداث 2003 ،و من الجيد أن نسلط الضوء على هكذا مبادرات لأنها تعتبر من أساسيات التحضر و الوعي والتي يتم من خلالها بناء جيل مكتمل الوعي وذو ثقافة جديدة ، لكن من المؤسف إن نرى بعض الأعمال تعرض على الأطفال بصوره كوميدية غير هادفة ،فقط همها جمع المال والشهرة المؤقتة وعلى حسابهم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق