اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو
في ظلّ نكسة جديدة : شعرٌ وأسى وأنين .. لوطن عربيّ حزين

يكتبها : أ. الناصر السعيدي
من تونس الوطنُ العربيُّ ، وندّعي أنّه عظيم وممتدّ من المحيط إلى الخليج ، وطنٌ جريحٌ جرحا لمْ ولنْ يندملَ ، ينزفُ دما ودموعا ، وطنٌ يحملُ على عاتقه مصائب في ثقل الجبال الرّواسي : حروب دامية ، ونزاعات سياسيّة ، وتطهيرعرقيّ ، وتطاحن من أجل الكراسي ، وتناحربين الشّعوب وحكّامها ، وما بين العشائر والقبائل والطّوائف من الوطن الواحد والأرض الواحدة ، كانت فلسطينُ العزّةُ قضيّةَ العرب الواحدة لا غيرها ، واليوم صارالوطنُ العربيُّ كلّه قضيّةَ الشّعوب العربيّة ، يكتوون بلهيبها وسعيرها ،هذا إذا كانت فعلا قضيّتَهمْ وتَعْنِيهُمْ أصلا ، وهي منْ أولويّاتهم على حساب أهداف رونالدو ومراوغات نيمار، وطبعا أعني هنا الشّعوب وليس الحكّام والسّلاطين العرب ، فالوطن العربيّ انشطر وانقسم ، وصار المشهد العام يبعث عن الألم والحزن والوجيعة ، ففلسطين دمّرها العدوّ الصّهيوني من جذورها ومن قواعدها ، ولبنان أسقطتها إسرائيل ونكّلتْ بها وزادتْ على أوجاعها فهوتْ ،وسوريا هتكتْها الأطماع الأجنبيّة تزامنا مع تطهير عرقيّ رهيب وهروب غريب لرئيس دولتها ، والعراق اختنق وسلب عرشُه تحت سلطة الاحتلال الأطلسي الغاشم ، واليمن ضاع وتشتّت بين الاقتتال على جميع الأوجه ، وليبيا ذبحها أبناؤها من الوريد إلى الوريد فتقاتل الأخ ضد أخيه والجار ضد جاره والقبيلة ضد العشيرة ، والسّودان انشطر بين أطماع حكّامه وخلفهم أتباعٌ تناسوا الوطن وناصروا الأسياد وتغنّوا بالأشخاص ، أمّا بلدان الخليج وهي تزعم التّحرّر والاستقلال والسّيادة فهي تعيش تحت وطأة السّلطة الأمريكيّة ـ الغربيّة تبتزّها في خيراتها ونفطها وهويّتها في غفلة من شعوبها ،ما يعني أنّ الوطن العربي هو اليوم في عنق الزّجاجة يختنق بين قبضة القوى الإمبرياليّة الغربيّة تنهب خيراتها وتدنّس هويّتها وتمحو تاريخها في ظلّ حاكم عربيّ خاضع وشعب عربيّ صامت .
وفي لظى هذه الانتكاسة المرّة كتب شاعر العراق الكبير مظفر النواب :
” أقسمتُ بتاريخ الجوع / ويوم السّغبه / لن يبقى عربيّ واحد / إن بقيتْ حالتنا / هذي الحالة بين حكومات الكسبه ” .. ثم يزيد قائلا : ” أعترفُ الآن أمام الصّحراء / بأنّي مبتذل وبذيء كهزيمتكم / يا شرفاء مهزومين / ويا حكّاما مهزومين / ويا جمهورا مهزوما / ما أوسخنا ما أوسخنا / ونكابر ، لا أستثني أحدا ” ،
وكتب محمود درويش : ” وطني حقيبة / وحقيبتي وطن الغجر / شعب يخيّم في الأغاني والدّخان / شعب يفتّش عن مكان بين الشّظايا والمطر ” ، ثم كتب أيضا : ” وطني، يا أيّها النّسر / الذي يغمد منقار اللّهب في عيوني / أين تاريخ العرب / كلّ ما أملكه في حضرة الموت / جبين وغضب ” ،
ويقول شاعر العرب الاكبر محمّد مهدي الجواهري : ” لو أنّ مقاليد الجماهير في يدي / سلكتُ بأوطاني سبيل التمرّد / إذن علمتْ أن لا حياة لأمّة / تحاول أن تحيا بغير التجدّد ” ،
أمّا شاعر سوريا محمّد الماغوط فقال : ” عليك أن تفهم أنّ في وطني / تمتلىء صدور الأبطال بالرّصاص / وتمتلىء بطون الخونة بالأموال / ويموتُ من لا يستحق الموت / على يد من لا يستحق الحياة ” ، ثم يضيف قائلا : ” يا إلهي كلّ الأوطان تنام وتنام / وفي اللّحظة الحاسمة تستيقظ / إلاّ الوطن العربيّ فيستيقظ ويستيقظ / وفي اللّحظة الحاسمة ينام ” غيض من فيض في لظى الشّعر العربي وقد اختصرنا واقتطعنا منه النّزر القليل لأنّه لو توسّعنا وتمدّدنا شعرا لأرتفع بكاؤنا وعويلنا وصراخنا ، وآزددنا ذلاّ وهوانا وآنكسارا في زمن الانكسارات والنّكسات ، وحتما لن ينفعنا الشّعرحتّى وهو يتقاطر بزخّات الأنين ، من أجل وطنيّ عربيّ حزين ، من اليمن إلى فلسطين ؟.