اخر الاخبارقسم السلايد شومحلي
كبار السن ورحلة الكفاح من أجل لقمة العيش

فضاءات نيوز – علي صحن عبد العزيز
هل يفترض بي أن أدفع ثمن الخبز الذي كنت تأتيني به الآن حينما كنت صغيرا، لا شأن لي بحياتك أنت المسؤول عنها فلست بحاجة إليك أينما تذهب وماذا تتناول من طعام ؟ هكذا كانت أول كلماته (غازي عبدالواحد) الذي قوس التعب ظهره ،وسكن الشيب رأسه وحتى حواجبه ،وإسنانه تهاوت واحدة بعد الأخرى فماذا ينتظر من أولاده ؟ . المكان ليس ببعيد ولا يستغرق البحث عنه طويلا ،ساحة الميدان الممتدة من وزارة الدفاع إلى بداية شارع المتنبي ،حيث تجد المكان مزدحما بالبضائع المختلفة ،وأصحابها يراقبون نظرات وتأملات المتبضعين ،وإصواتهم تعلو المكان ليعلن عن بضاعته بصوت يحمل هوية متقاعدين الزمن المجروحة . رأي القانون أولا كان لابد لنا أن نتعرف عن ماهية الإجراءات القانونية التي يمكن أن يتخذها هؤلاء إتجاه عقوق وجحود بعض الأبناء .

طرحنا هذا التساؤل على المحامي ياسر العبودي فأجاب :
حينما تقام مثل هذه الدعاوي من قبل الأباء ،فمعنى ذلك وجود خلل أخلاقي من الأبن مهما تكن الأسباب ،وإلا لماذا يضطر الوالد إلى إقامة دعوى قضائية ضد إبنه ،حتما بعد نفاذ كل الحلول معه ،فإغلبهم لا يفكرون بحالة العوز والفاقه التي يعيشها بعض الأباء ، على أية حال هنالك مادة في قانون الأحوال المدنية المادة (61) مفادها:(يجب على الولد الموسر كبيرا كان أو صغيرا ،نفقة والديه الفقرين ولو كانوا قادرين على الكسب ،مالم يظهر الأب إصراره على إختيار البطالة ) ،وأضاف المحامي (العبودي) قائلا: تعتبر النفقة واجبة على الأبناء حتى مع اختلاف المذهب والعقيدة ،ونادرا ما ترد دعاوي نفقة الوالدين ،وهنا لابد من التذكير على نقطة مهمة فيما يتعلق أن الأنثى أو الذكر سواء بالنسبة ،يترتب بالنفقة للأبوين ،اي قد نحكم الأنثى أكثر من أخيها الذكر ينفقه لأحد إبويها ،اذا كان كانت مواردها أكثر وإلتزاماتها أقل ،وهنا نريد أن نذكر على حقيقة قد تكون غائبة عن ذهن الآخرين ،وهي ما ذكر في القرآن الكريم (للذكر مثل حظ الانثيين) والتي تتعلق بالميراث فقط وليست لها أية علاقة بهذا الموضوع.
حكايات وسط الضجيج
لنكمل مشوار تحقيقنا الصحفي في ذلك المكان المملوء بالحزن الشديد قبل البضائع المختلفة ،رأيته منزويا وواضع يده على خده ،أخذت الموبايل لإلتقط له صورة وإسجل كلامه.
* هل لي بمعرفة إسمك؟
– أبو ناجي الكعبي.
*ولكن لا يبدو أنك لم تكن ناجيا من الهموم ؟
– الحمد لله على كل حال ،لم تسعفني حالتي الصحية للقيام بأعمال أخرى ،ولذلك تجدني أبيع المسجلات الصوتية القديمة .
*ومن يشتريها وخصوصا مع وجود أجهزة الصوت الحديثة ؟
– هنالك من يحتفظ بها كتحفة فنية ،فعندي (العجوزة) وابنة معوقة ،وأنا أحضر هنا كل يوم الجمعة قادما من منطقة المعامل .

كبار السن ورحلة الكفاح من أجل لقمة العيش
*نظرت إليه وقلت مع نفسي ،من يرحم هذه الشيبة المقدسة ويحميها من قسوة الحياة ؟
وزن نفسك يا ولد
كامل أبو محمد /صاحب جهاز لمعرفة الوزن ،قال لي وزن نفسك ب (250) دينار .
* حاولت أن أدفع له الثمن بدون الصعود على الميزان ،نظر بوجهي وقال لي: – انا لا أقبل أن تدفع لي أي مبلغ مقابل لا شئ اقدمه اليك ؟
* حاولت تهدئة الأوضاع ، فقلت له إعتبرني بمثابة إبنك وتقبل مني هذا المبلغ ؟
– قال والحسرة تقطع أنفاسه : أولادي ياليتني لم إخلفهم ،لقد تركوني ووالدتهم نتصارع مع الزمن من أجل لقمة العيش .
أتمنى الرحيل الحاج سلمان ابو عماد /مواليد 1940 ،سألته: كيف تستطيع تدبير معيشتك؟
– وهل سمعت أو شاهدت أحد مات من الجوع ؟ يا ابني مادام رحمة الله موجودة ،فالمعيشية حتما متيسرة ،لكنني تعبت وحالتي الصحية لا تساعدني ولذلك ادعو الله تعالى إن يأخذ أمانته .
كتب قديمة
زيدان أبو خالد /صاحب كشك صغير لبيع الكتب والمجلات القديمة :جاءني صوته من بعيد ،وهو يقول : – الكتاب ب(250) دينار والمجلة القديمة ب(750) دينار ،وهو يؤشر بعصاته على بضاعته .
* إقتربت منه ،ومسكت بيده التي حفر الزمن خدوده فيها لتبدو شريانها وكأنه خيوط العنكبوت منتشرة في كل مكان ،قلت له:من يشتري بضاعتك ؟
– لا أخفيك سرا بأن هنالك إقبالا كبيرا على شراء الكتب والمجلات القديمة ،بسبب أن موادها ومواضيعها كانت عن واقع حال وتمتاز بالمصداقية والمتابعة الجادة لكل ما يطرح من شكاوي المواطنين فيها ،أما اليوم فالكتابة تكاد تكون واقفة على حافة السكين ،وليس هنالك من يسمعك فالجميع مشغولين .
* ولكن يبدو أنك من الكُتاب القدماء ؟
-هذا صحيح .
*وكم يمكنك أن تكسب مردود مالي من وراء بيع الكتب والمجلات القديمة ؟
– عندي الكثير من الأصدقاء الذين يشترونها ،كما أن هنالك من يكرمني ببعض الكتب التي لايحتاجها ،وأنا عضو في نقابة الفنانين ،وكانت هنالك منحة مالية يتم صرفها إلينا ،ولكنها توقفت منذ سنوات وقد سمعت عن نية البرلمان العراقي بأدراجها ضمن ميزانية الدولة لهذه السنة .