ثقافة وفنونقسم السلايد شو
علي صحن عبدالعزيز: للقاضي والصحفي سلطتان لقضية واحدة وهي رفع المظلومية عن المواطن

حاوره/ علي جابر نجاح
الحديث مع الإعلامي (الصحن) يحمل الكثير من الشجون المهنية والشخصية ،ولا يختلف إثنان بأن أسمه يتردد في مجمل الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية، ولعل التحقيقات الصحفية التي يتناولها ذات جرأة في الطرح الأمثل وهي تتناول قضايا الناس وعلى مختلف اتجاهاتهم وانتمائاتهم المتعددة ،والتي تشعل فتيل جدال ونقاشات ساخنة ومستمرة .
وعلي صحن ،متنوع العطاء ،فهو يكتب المقالة والحوارات الثقافية والنقدية عن الفنانين والفنانات التشكيليين من العراق والوطن العربي وحتى على مستوى العالم ،حريص على الحضور والتفاعل ،يبحث عن آفاق جديدة في عالم الصحافة ،لكنه من الداخل نرجسي وعاطفي أكثر مما كنت اتصوره ،يعيش حالة من القلق مالم يكتب ، ومشوار سنواته مع الصحافة التي أخذت منه الكثير ،لم تمنحه شئ سوى محبة الأصدقاء وتقدير شرائح المجتمع الفقير والمعدم الذي سلط عليهم الضوء بنقل واقعهم وسوء أحوالهم ووضعها أمام طاولة المسؤولين والمعنين،يتابع جميع أصدقائه ويسلط الضوء عليهم إعلاميا ،ولكننا في هذه المرة كان ضيفنا ،لنتحدث عن كتاباته وبدايته .
*ماذا كنت تطمح قبل الصحافة ،وكيف كانت بدايتك معها؟
-هذا سؤالك يازميلي ،يحملني الآن على قافلة الذكريات الأولى ،منذ بداية سنة 1976حيث كنت طالبا في المرحلة الابتدائية بمدرسة العباسية بمدينة الثورة في بغداد آنذاك الوقت ،حينما طلبت منا معلمتنا الست فريال ،الكتابة عن موضوع التغذية المدرسية ،فكتبت مادة الإنشاء بأسلوب وصفته حينها كأنه لطالب مرحلة الإعدادية ،ومن حينها عرفت أن الكتابة مسؤولية أخلاقية وإنسانية ،وإستمرت تجري تلك اللحظة خالدة في وجداني وانفاسي التي أحسبها بالأيام ،لسوء حالتي الصحية وأوجاع القلب المزمنة.
*يقال بأنك من أحد أعمدة كتاب مجلة الف باء ،ماذا كنت تكتب ؟
-يبدو أن معلوماتك مستقاة من مصدر مطلع،على أية حال ،كنت طالبا في مرحلة المتوسطة في بداية الثمانينيات ،وكانت الساحة حافلة بالكثير من رموز الثقافة والإعلام،وليس من السهل إختراق تلك المحميات ،مالم تجيئ بنموذج أدبي يوازي طرحهم ،ولكن هذا لم يمنعني من المجازفة والوقوف مع هؤلاء الأفذاذ ،وأكتساب الخبرة منهم ،ليس لغرض متعة الكتابة ،وإنما لحمايتي من هفوات الكتابة ومدياتها المتعددة،أما بشأن سؤالك بشأن الكتابة في هذه المجلة وبشكل مستمر ،لأنها كانت المجلة الأولى بين الصحف العراقية ،وكانت لي أيضا كتابات صحفية في عدة صحف منها جريدة الثورة والجمهورية والراصد وطريق الشعب والعراق ،وبشكل مستمر ومتنوع أيضا.
*حدثنا عن أبرز ما كتبته في مرحلة دراستك الإعدادية ؟
-امتازت تلك الفترة بنمو الذائقة الثقافية لدى قطاع واسع من المبدعين ،لكن المنتوج الثقافي كان يخضع لعملية غربلة تامة ،من حيث اللغة والتركيب للموضوع ،لذلك من الصعب النشر في الصحف التي ذكرتها اليك قبل قليل،إلا أنني وبلا غرور تمكنت من عبورها ،من خلال القراءة ومتابعة آخر ما يعرض من الثقافة ،وكانت فضاءات كتاباتي ما بين كتابة الشعر والقصة والمقالة ،ومن جيلنا آنذاك الشاعر رعد بندر وغيرهم ،ومن طريف ما أذكره كانت لنا سفرة إلى المدينة السياحية بالحبانية ،وفوجئنا برسوم دخولنا إليها رغم الحجز المسبق،والطلبة ينادونني بضرورة التدخل ،فطلبت مواجهة المدير التنفيذي للمدينة السياحية ،وكان ذلك يوم الاربعاء ،وكما تعرف بأن صدور مجلة الف باء بهذا اليوم ،على أية دخلت على المدير ،وأعطيته هوية الإعدادية ،ولكنه بقى مصرا على دفع أجور الدخول ،وبالصدفة وقعت عيني على مجلة الف باء التي كان يتصفح بها ،وقلت له هذا إسمي ،فوافق على دخولنا مجانا ،وهنالك الكثير منها .
*ماهي طقوس الكتابة عندك، وكيف تنظم أوقاتك؟
-لا أخفيك سرا ، بأن الكتابة عندي تخضع لمزاجية معينة ،حيث أستمع دائما إلى القرآن الكريم وللقراء للعراقيين فقط ،ومن ثم للسيدة ام كلثوم وإلى المطربين العراقيين سلمان المنكوب ويونس العبودي ،وترافقني دائما مقطوعات عازف آلة الاروكون مجدي الحسيني ،ورياض أحمد أيضا ،أما بشأن قانون تنظيمها ،فيوم الجمعة بالمتنبي لتغطية فعالياته المتنوعة ،ومن السبت إلى يوم الإثنين ،مشغولا بإجراء الحوارات مع التشكيليين والتشكيليات العراقيين والعرب ،ويوم الثلاثاء أقوم بجولة لأصطياد مواضيع من واقع الحياة اليومية للمواطنين ،وتصنيفها إلى تقارير اخبارية أو تحقيقات ميدانية صحفية .
*ماالذي كسبته من عملك بالصحافة؟
-كما تعرف يازميلي،مهنة الصحافة تسمى مهنة المتاعب،ولكن غاية سروري وسعادتي هو الرصيد الذي حصدته من محبة وتقدير لدى الكثير ،لعل أسمى حالات السعادة أن ترى صدى كتاباتك بين الناس ومتابعيك مقبولة،فهي تساعدني على نسيان التعب والهموم لكي أنهض من جديد ،قرار الكتابة لأي كاتب مثل قرار القاضي ،مبنيا على
الحقائق والأدلة وعدم المحسوبية ،لأنها مسؤولية إنسانية واجتماعية كبرى.
*هل تشاهد برامج التلفزيون ؟
-إتعامل معه بشئ من الإختيار المتوجس ،وذلك لركاكة وهشاشة بعض المسلسلات وتجاوزها على قيمنا الدينية والاجتماعية ،أو بالاحرى عدم وجود برامج تخاطب نخب المجتمع ومستوياته ،لذلك فأنا لست مدمنا عليه بقدر متابعتي للأخبار السياسية العامة التي تهم قضايا الوطن والمواطنين ،هنالك حالة من الشعور بالملل من البرامج التلفزيونية ،وهذا الشئ لا يمكن السيطرة عليه مالم تعاد لجان الفحص ،شريطة أن تكون محايدة وتلبي أذواق الناس والمتابعين.
*ماذا عن سعادتك؟
– هذا السؤال،يحمل ثلاثة أجوبة لأكتمال سعادتي الشخصية ،فأولهما أطمح أن تكون مساحة بيتي كبيرة ،لأنني أسكن في مساحة لا تتجاوز خمسين مترا في منطقة شعبية تسمى حي طارق منطقة الوسط نهاية مدينة الصدر ،وعندي من الأولاد ثلاثة يستحقون الزواج ،ولذلك فإنني أشعر بالآرق نتيجة ضيق المكان وأحسبه في يوما ما سينفجر ،لأن مجموع العائلة ثمانية أفراد ،صحيح أنها مساحة صغيرة لكن أمنياتي بحجم لا يمكن وصفه،ويحدوني الأمل بأن نقابة الصحفيين سوف تتكرم عليا بقطعة أرض تستوعب هذا الزخم لعائلتي ،أما الجانب الثاني فهو متعلق أيضا بالنقابة بعودة المنحة السنوية للصحفيين والتي قطعت منذ سنوات ،بسبب الأزمة المالية ،والثالثة أن أرى أحفادي من أولادي قبل أن يأخذ الله أمانته.
*أفضل الألقاب التي حصلت عليها ؟
-هنالك الكثير من الألقاب والدروع والاوسمة الذهبية التي حصلت عليها ،ومنها الوسام الذهبي من مجلة المنار الثقافية الدولية ،وقلادة الإبداع من متحف القشلة ورابطة شعراء المتنبي ومؤسسة هواجس للفن التشكيلي،بالإضافة إلى كتب الشكر والتقدير من مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية،لكن هنالك ألقاب أعتز بها كثيرا ،ومنها ما أطلقه الأستاذ صفاء الربيعي ،مدير تحرير جريدة النهار (ملح الجريدة )والذهب الصافي وما أطلقه أيضا الأستاذ باسم الجنابي ،مدير تحرير جريدة البينة سابقا (سندباد الصحافة) وأعتذر من الجميع الذين يتابعون ما أكتبه من تعليقاتهم ونعوت الصفات التي هي بلا شك محل تقدير وشرف لي .
*أمنية تسعى إليها؟
-أن سألتني عنها،فإنني أسعى إلى جمع ما كتبته منذ سنوات في كتيب ،ضمن تصنيفات مواضيعها ،كالمواضيع الفنية والتشكيلية على جانب ،والآخر التحقيقات الصحفية بمختلف أنواعها أيضا بأحتفالية متواضعة في المتنبي ،وربما تكون إحتفالية توديع عالم الصحافة،بعد أن حققت إنجازات ربما تكون قياسية في الصحافة العراقية ،هذا الكلام ليس لي وإنما من زملاء وصحفيين كبار .
*حكمة تؤمن بها؟
-أتق شر من أحسنت إليه،فبعضهم نسلط ضوء الإعلام عليه ،وبكل برود يتنكر لجهودنا ،ولم نقبض منه أي مبلغ ،وقد عانيت من هذا الأمر كثيرا ،بل وصدمت به،ولكن الأمر لا يعني أن هنالك من لا يقدر جهودنا ويثمنها،ومعلومة ارفدك بها ،بأن جميع هذه الجهود المبذولة والعمل مع أغلب الصحف والمجلات العراقية دون أي مقابل ،بل حتى أن بعض الصحف لا تكلف نفسها وتكتب إلينا كتاب شكر وتقدير ،وإنما يكتفون به شفويا ،وكأنهم يعطونه من دماء قلوبهم ،متناسين أجور تنقلنا لغرض التغطية الإعلامية وكذلك إشتراكنا بالإنترنت،وهو دعم قليل جدا لايصل إلى حجم معاناتنا وربما الخطورة التي نتعرض إليها ،وأظن أن الكثير من زملائي وزميلاتي يعانون هذه المشكلة .
*بعد هذه التجربة الطويلة والانجازات الكبيرة ،ماذا تقول للمبتدئين في عالم الصحافة؟
-الموهبة والإخلاص بالعمل والدراسة الأكاديمية ،هي السبيل نحو انطلاقهم المثلى والمهنية الصحيحة،وكذلك نصيحتي إليهم بعدم الاستعجال بنشر موادهم الصحفية ومراجعتها كثيرا من حيث صياغة المعنى وتشذيبها املائيا ونحويا.
– البطاقة الشخصية
علي صحن عبدالعزيز الساعدي ،مواليد 1963 محافظة البصرة ،متزوج ولديه من الأولاد أربعة والبنات أيضا ،كنيته أبو مصطفى .