اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو

عقيل مهدي والتفرد بمسرح السيرة

قحطان جاسم جواد 
من يتابع نشاط وسيرة الدكتور عقيل مهدي يرى بوضوح المسيرة الابداعية والجهد الجمالي لهذا الفنان الكبير ممثلا وكاتبا ومخرجا وعميدا سابقا لكلية الفنون الجميلة.اضافة الى ذلك جهده الرائع في مسرح السيرة الذي قدم فيها اعمالا مهمة لسيرة افتراضية لقامات مهمة في الفن والادب العراقية كالسياب ويوسف العاني وملا عبود الكرخي وكلكامش وجواد سليم والجواهري وعلي الوردي. هذه الاعمال امتعت الجمهور جماليا وفكريا لانها بمثابة عمق ضوء يوقظ نوافذ رنين للمسافات التاريخية والايدلوجية ولامتدادات اجتماعية لقوة الاستحضارات الغائبة الحاضرة..اوكانها اصوات تهرول كالموج الى المصب محاولة تذكر الماضي بهيئة المنبع،انها امواج قادرة على المضي في تيار المستقبل على حد تعبير د.صلاح القصب.في المحاولات الاولى لعروض السيرة التي قدمها اذهلنا وتركنا نتامل هذه التجربة الابداعية الجديدة في مسرحنا. وبتعمق التجارب وتركزها بدأت ملامحها تظهر جلية.
وتقوم تجربة ( السيرة الافتراضية ) على استعارة درامية جمالية وعرض مسرحي جديد تتجاوز فيه المنطق الحرفي للواقع، وتقوم بتغريبه بإقتراح بديل ( مسرحي ) عن صاحب السيرة الذي جعله(د.عقيل) في تجربته محوراً رئيساً في العرض مع تقديم ( البطل – الضد ) الذي يسعى لإفشال مشروع الشخصية الإيجابية المنسجمة في إبداعها المتفرّد ومجالها الاجتماعي الخاص في منطقها الإنساني ضد عبثية الانحراف المشوّهة للقيم المستقبلية الحرّة ، فهو يناضل من أجل ترسيخ الإيجابيات في وجدان المتفرجين من خلال الدراما والعرض.
وتراهن السيرة الافتراضية(كما يرى د عقيل مهدي) على أصول ومصادر ومرجعيات تخص ( صاحبها)، وتصبح ( بؤرة) لبناء سلسلة من ( تأويلات ) متدفقة بأبعادها المتخيلة المحفزة وتقنياتها الفنية، لتحقيق هدفها المسرحي جمالياً في كيفية بناء العرض بنسق رؤيوي خاص، لتجسيد هذه الشخصية وتأطيرها الإفتراضي بذرائع اقترحها من خلال منظور الحاضر لتلك الأبعاد التاريخية لكبار الأعلام والرموز العراقية الملهمة وتأتي معها رموز عربية وأخرى أجنبية بمواقفهم المتقاطعة ، حيث يُعاد تركيبها برؤية فنية خاصة،وبالتالي يسعى لتحقيق ( إنزياحاً ) عمّا يسمى ( بالوقائع التاريخية ) الخارجية، سواء كانت بواقع بيولوجي أو يومي وأبتداع فضاء فني جديد تتجسّد فيه شخصية البطل، مثلاً في مسرحية ( علي الوردي وغريمه ) حوّلت أفكاره الى كينونة بشرية ( فنية ) وهذا حتّم عليه توظيف ( التوليف) الذي يرتفع بالشخصية الى أفق آني مُعاش الآن واليوم في زمن ما بعد التغيير في العراق،حيث يظهر ( الوردي ) وهو يخوض نضالاً ضد التعصب والإرهاب والعنصرية ، ولكن في ( زمن قادم ) يخص قيام أفعال إرهابية ، زمن الاحتلال الاميركي – الدولي ، الذي يمثّل كشفاً جديداً بإضافة معنى معاصر على ( القديم ) الذي كان يعيشه الوردي فعلا.
وهذه السيرة تقوم ايضا على استعارة بايجاز لدراما جديدة لتحاشي المنطق النثري التجريدي للواقع،لتجعل المتلقي،يرى الشخصية الرئيسة في النص،بموقف ووضعيات لم يعتدها من قبل عن انطباعه ومعرفته المسبقة بالشخصية ،فتصبح مغرية عما كان يعرفه عن سيرتها التاريخية. وهنا يلتقي فكريا الدكتور عقيل مع مقولة برنادشو( انني اتناول كل العصور لكني لاادرس أي عصر ابدا الا العصر الحاضر وهو لم لم اتمكن منه بعد ولن اتمكن منه ابدا)حسبما يشير بكتابه الاثير ( الادب الدرامي في السيرة الافتراضية).وهنا يفترض بنى ادبية(درامية) ومسرحية في فضاء حيوي،يتقابل فيه الادب الدرامي مع فنون الفرجة المسرحية ، هذه الشخصيات النموذجية التي قدمها في عروض السيرة..وهي شخصيات اصبحت من الذاكرة المجتمعية العراقية ،لما تركته من اثر خالد في نفوس الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق