اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو
جواد الحطاب ناعيا الشاعر الشيخ جعفر : كنا نضع الشعر تحت رعايتك
خلقه الله بناء على نداء عالمي من القصائد وليس لحاجة أب في الإنجاب !!

نص :……………………. جواد الحطّاب………
( 1)
معرفة طويلة تمتد بيني وبين الشاعر حسب الشيخ جعفر..
اذكرها يوم كنت اتردّد على أماسي وفعاليات اتحاد الأدباء في السبعينيات، مثل أيّ مستمع طاريء، لا يجرؤ ان يتقدّم للـ”أساتذة الكبار” ليتعرف عليهم، فثمّة فخامة أسمائهم، ومهابة ما يتمتعون به من شهرة وحضور ..
حتى اذا امتدت السنوات، وصرت صديقا لمنشورات الجرائد والمجلات، وأخذ القيّمون على المهرجانات والأماسي يدعوني للمشاركة، سعيت الى صداقة “حسب”، ويوم نلتها لم تسع فرحي “الباصات الحمراء لنقل بغداد “، ولا “فراكين” قطار بغداد- البصرة، ولا مقاهي شارع الرشيد، فقد إمتلأت زهوا : فأنا صديق حسب الشيخ جعفر !!
(2)
في الثمانينات، وأنا أحتّل موقعا متقدما في “منتدى الأدباء الشباب” أذكر اننا أقمنا ملتقى، ومهرجانا أدبيا، وقراءات لشعرائنا الأعلام، وكان من العادة ان يتصدّى ناقد “علم” لتقديم الشاعر “العلم” الذي يجيء دوره في القراءة، واستثنى حسب الشيخ جعفر من هذا العرف المهرجاني، فحين حان وقت قراءته، ارتقيت معه المنصة، وقدمته بالطريقة التي فرضتها عليّ محبته، وبرغم ان ملامحه لا تعطيك انطباع الفرح او الزعل، أو ايّ انطباع غيره، الا انه كان سعيدا بما قلته عنه، وما قدّمته فيه وذلك ما أسرّني فيه بعد انتهاء فعاليات ذاك اليوم..
( صورتي مع حسب، أيام منتدى الأدباء الشباب- وثيقة)
(3)
في التسعينيات، وانتخابات أتحاد الأدباء، وثقة الهيأة العامة التي ارتقت بنا الى قيادة الإتحاد، ثم انتخابي “أمينا عاما” مع ثلّة من مبدعي العراق في المكتب التنفيذي، اقترحنا في احدى الاجتماعات ان نؤسس مسابقات شعرية، وقصصية، ونقدية.. ترتبط باسماء مبدعينا الكبار، لتخليدهم وهم أحياء ..
وقلنا جميعنا :
ومن في الشعر سوى : حسب الشيخ جعفر “..
.. واتفقنا على تسمية أعضاء لجنة الإشراف لتقييم المجاميع الشعرية التي تصل الينا – وهذا للتاريخ – وهم :
1- الناقد المرحوم طراد الكبيسي
2- الناقد الكبير حاتم الصكر
3- الشاعر عبد الزهرة زكي
وبعد أسابيع من الفرز، والنقاشات، وتحديد الدرجات الموضوعة للفوز، توصلنا الى قناعة تامة باسماء الفائزين، وأعلنا عن موعد الإشهار..
يومها ..
تزاحم الحضور في قاعة الاتحاد، وأروقته، وساحته، وتسابقت الكاميرات الى أرشفة الحدث الثقافي الأهم لعام 1995،
ووسط صمت مرتقب قرأ عضو المكتب التنفيذي الشاعر خالد مطلك أسماء الفائزين..
( كريم شغيدل – نامق عبد ذيب- سهام جبار- عبد الأمير جرص – أحمد الشيخ علي – حسين علي يونس – كاظم النصار – داليا رياض ) .
مرفق
.. صورة التسعينيات واحتفائنا بحسب وجائزته، والدرع التكريمي الذي قدّمناه له- والناقد سليم السامرائي، يتحدث عنه – وثيقة للتاريخ..
لكني – وانا اريد ان “أحشّم” روحي برحيل حسب الموجع والأليم – ساتوقف عما قلته في تمجيده وهو حيّ، وهو ما اريد ان اقوله اليوم أيضا،..
والكلام منقول عن تغطية السعود، وتحت عنوان : كيف نصفّي حساباتنا مع الجحود
حيث كتب .. :لم يلق الشاعر جواد الحطاب، الأمين العام للإتحاد سوى بضعة سطور، كانت كافية لأن يختزل فيها مشاعره كلها، تجاه شاعره الذي يحب ..
ثم يقتطع ناظم مما قلته أنا :
( هل كان على حسب الشيخ جعفر ان ينتظر حتى نأتي الى إتحاد الأدباء، ونقيم “جائزة” باسمه، ليكتسب الأهمية والبقاء )؟!!
ويضيف السعود :
يتساءل الحطاب بلسان المسؤول الإداري، ولكنه يجيب بلسان الشاعر المنصف
( قطعا لا .. فلا الإحتفال، ولا الجائزة، قادران على الإحاطة به..
ربما الشعر وحده يمكنه ذلك، فقد خلقه الله بناء على نداء عالمي من القصائد، وليس لحاجة أب في الإنجاب ..)
ويكمل متابعته لما قلت، فيكتب
هذا كلام لا يقوله الا من تحرّر من الثقافة كلها : الاسماء، والعناوين، والحسابات القريبة والبعيدة، جواد يراجع ذاته قبل غيره حين يقول :
( في جائزة حسب للشعر، وفي جائزة محمود جنداري للقصة، وجائزة الطاهر للنقد، نحاول ان نصفي حساباتنا مع الجحود والنسيان..
فيا حسب الشيخ جعفر، إننا نضع الشعر تحت رعايتك، وننام مطمئنين)!!
(صورة الجريدة، وتفاصيل الإحتفاء- وثيقة)
(4)
في الألفينيات ..
وجّهت لي دعوة للقراء بمهرجان جرش – الأردن ..
وكانت العاصمة عمّان هي ملتقى كل أدباء العراق المنتمين للمعارضة، ولذلك كانت توجيهات من المسؤولين في بغداد، بضرورة عدم الالتقاء بـ”أدباء المعارضة” !!
والمعارضة ايضا وجّهت من كسبتهم بضرورة عدم الإلتقاء بـ”أدباء الداخل” !!..
لكنّ توجيهات الداخل والخارج ذهبت ادراج الرياح، حين يلتقي أدباء العراق ..
نصيف الناصري، وعبد الامير جرص، ومحمد تركي النصار، وسعد جاسم، وهادي ياسين- كما اعتقد- ..
عزموني على عشاء في شقة فاضل جواد، لأنها الوحيدة التي تتسع لهذا العدد، وقتها أسرّ لي الناصري نصيف، بان فلوس العزيمة واللوازم قد ساهم فيها الجميع للضائقة التي كان يمر بها الجميع، وكان موقفا لا أروع منه ..
فهذا هو الكرم العراقي في ارقى تجلياته.
وليلتها اصطحبت معي الفنان الكبير، المطرب كريم منصور، لتكون سهرتنا عراقية بامتياز.
بعد انتهاء استحضارات العشاء والمزامز، طلبت من نصيف ان أرى ابو نؤاس، حسب الشيخ جعفر ..
قالوا لي ان مكانه قريب من هنا، لكنه قليل الاختلاط جدا، وبالكاد يلتقي بأحد ..
قلت لنصيف : قل له ان الحطاب هنا، وهو يريد ان يراك ..
لم يمض وقت طويل الا، وكبيرنا الذي علّمنا الشعر قد جاء.. وبـ”البجاما”!!
وهذه نادرة النوادر، لأن المعروف عن حسب هو اهتمامه بهندامه، وتناسق ملابسه حتى لو كان ذاهب لرأس الشارع، على سبيل المثال !!
بالبيجاما .. !!
وهذا هو ما اعددته تكريم لي، وترحيب اعلى من قراءاتي في “مهرجان جرش”
.. لنسهر الى ساعات الفجر الأولى مع صوت كريم منصور..
( صورتي مع ابي نؤاس- في غرفة فاضل جواد )
(4)
يا حسب الشيخ جعفر ..
كنا نضع الشعر تحت رعايتك
وننام مطمئنين ..
واليوم ..
نضعك تحت رعاية الله
ونسهر – مطمئنين- الى خلودك ..