اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو
قراءة نقدية في لوحة العبارة للفنان التشكيلي العراقي عماد نافع
(العبارة) تثبت بالالوان تهمة ...وتوثق بالفن لأحزان أمة

قراءة نقدية في لوحة ” العبارة ” للفنان التشكيلي العراقي عماد نافع
(العبارة) تثبت بالالوان تهمة …وتوثق بالفن لأحزان أمة
بقلم الشاعرة التونسية منيرة الحاج يوسف:
(العبارة) تثبت بالالوان تهمة …وتوثق بالفن لأحزان أمة.
التعريف :
عنوان اللوحة: العبّارة
المقاس: 80/100
التكتيك: زيت على كانفاس
الموضوع: فاجعة غرق العبارة السياحية في جزيرة ام الربيعين بالموصل شمال العراق خلال أعياد نوروز وعيد الأم في 21 مارس 2019 والتي راح ضحيتها ما يفوق مائة وعشرون غريقا، وعزل على إثرها المسؤولون بعد احتجاجات شعبية واسعة.
التحليل : تتداخل الألوان والأشكال في لوحة العبارة ويتمازج الواقعي بالمتخيل
إذ يسهل على العين أن ترصد زرقة السماء وصفاء الماء وبهجة اللون من ناحية وترنح المركبة المائية المثقلة بوزر الأرواح البريئة البيضاء وقتامة الفاجعة من ناحية ثانية، إذ لا تخفى الألوان الداكنة، والأشكال الغريبة، وتلمح العين ايضا مشاهد الازدحام من خلال تشابك هذه الألوان والتفاف الساق بالساق ويعلو الصراخ فيتحد الضحايا في التصاق يشبه العناق…هو الوداع الأخير بعد أن ضاق الخناق، فقد ارتفع منسوب النهر وتسرب الماء ثم تدفق والعبارة تنحدر تدريجيا نحو الأعماق… كأنها التيتانيك ذات غرق …في لحظة إنسانية فارقة لا يعرف فيها المرء أهو حقا الفناء والفراق…أم لا يعدو الأمر أن يكون مزحة، فالارواح ترنو إلى أفراح الأعياد وتتتطلع نحوالانعتاق ورحلتها لم تنته.
وبتقنيات فنية مدروسة ودقيقة يجعلنا الفنان نعيش إرهاصات اللحظة ونتخيل وجع من لم تسعفه العبارة من العبور إلى الضفة الاخرى حيث العيد والألوان فعبر لأسباب مجهولة بل معلومة توثقها الألوان والأشكال، إلى العالم العلوي…عالم الخلود فالموت على قسوته كان مختلفا لأنه ألهم الفنان عماد نافع ليحول قتامته إشراقة فنية خالدة , توثق جريمة نكراء هي الإهمال والعبث بالارواح البريئة وفي ذات الوقت تحفر في الوجدان الإنساني جرحا غائرا لا يلتئم ابدا إذ كم من حادث يشبه حادثة العبارة قضى فيه الأبرياء نحبهم وتحولوا في لحظات قليلة إما رمادا او شظايا أو طعاما للحوت… ويستشعر المشاهد قسوة ان تتحول السياحة الى سباحة وبعدها الى مناحة.
لقد تمكن الفنان عماد نافع بفضل مهارته التشكيلية وذكائه الإبداعي وحسه الفني من أن يحول قبح الحادثة التي جرت في وطنه العراق وكشفت عن هشاشة تسييرية في مفاصل الدولة آنذاك إلى عمل بديع يمس مشاعر الإنسان حيثما كان فيستنكر هذا التهاون بالروح مما يعطي اللوحة بعدا عالميا ويضفي عليها طابع الإنسانية فما وقع هناك…جرح إنساني عميق اختار الفنان أن يحتفظ به لا في ذاكرة العراق وحده بل في ذاكرة الإنسانية من خلال ملحمة فرجوية تقوم على السوريالية بعيدا عن التقاط الواقع التقاطا سطحيا مما اهّل هذه اللوحة للتوثيق في المنتدى الثقافي بالولايات المتحدة الأمريكية وكذلك ببعض المدن العربية الاسلامية مثل القاهرة وطهران في انتظار توثيقها ببقية المدن خاصة انها ستعرض قريبا بالمهرجان الدولي بغداد لتطرق أبواب الذاكرة الإنسانية من جديد وتفشي أسرار التاريخ العراقي وتعرضه على محك القيم الإنسانية من خلال ما يفيض عليها من تقنيات جمالية ووسائل فنية وما تبعثه للمتلقي من مضامين فكرية وابعاد حضارية وقيم إنسانية.