اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو
قراءة نقدية لِوَمْضات الدكتورة الشاعرة نادية الكاتب

قراءة نقدية لِوَمْضات الدكتورة الشاعرة نادية الكاتب
إبراهيم قوريالى/ كركوك
الأدب النسوي في كركوك يسير بوتيرة أقل ما يقال عنها انها رائعة بوجود شواعر مبدعات في ساحة الشعر والأدب ويثبتن ذلك في المهرجانات الثقافية سواءً كانت في كركوك او في مدن العراق بصورة عامة وكم من شاعرة كركوكية نالت استحسان الجمهور في المربد، والجواهري وتأمرا والمتنبي والكميت والقلعة وغيرها منهن آيدان النقيب ، رمزية ميّاس، منور ملا حسون، نادية الكاتب، آمنة محمود، غربة قنبر، نرمين طاهر، آية سردار، ذكريات عبدالله، كويستان شاكر، أمل سيد بايرام، سحر عبدالجبار، سحر البياتي وغيرهن اللآتي يكتبن القصائد باللغة العربية إضافة الى لغتهن ألام ( التركمانية والكوردية)، شكرنا وتقديرنا لهن وضيفتنا الشاعرة نادية الكاتب تختلف عن الأخريات في نسج قصائدها وقرأت بعض مما كتبتها بعد عام ٢٠٠٧ تقريباً الى يومنا هذا حيث أختارت لنفسها طريقاً صعباً بعض الشي (حسب إعتقادي الشخصي) وتوجهتْ الى الومضات السريعة والمختصرة والومضة تعني في قاموس اللغة (اللمعان الخفيف او الرمز والإشارة او الغمزة والبسمة) وكتابتها تحتاج الى إمكانيات مكثفة وغنية من المفردات اللغوية الصعبة وتنسيقها بشكل مستقيم دون الإطالة بشرط تحوي على معنى داخل معنى، فكرة داخل فكرة، إشارة داخل إشارة ثم رسالة داخل رسالة والتشديد على جعلها مبهمةً ومختصرة قدر الامكان مع ترك مساحة واسعة للمتلقي في اطالة المعنى والغوص في أعماقها انْ ارادَ ذلك والجدير بالذكر هنا ان هذه الصيغة الشعرية ولدت مع التحديث الذي كان يحتاجه الشعر حقًا، نعم الشعر ليس شيئًا مادياً وكل الماديات يأتيها التحديث بل انه نتاج إلهامات تابعة للزمان والمكان فهو ليس جامداً وبالتالي يحتاج الى التحديثات ليواكب العصر لانه يتعامل مع ابن هذا العصر الذي يبحث عن كل جديد ومختصر ولايحبذ الإطالة والمماطلة (ربما يستغني عن وليمة كبرى تأخذ من وقته ويفضل سندويشاً سريعا كي لا يتأخر عن التي تحيطه من كل الجوانب( مسؤليات خاصة وعامة) ، فالومضة ولدت في وقتها تماماً ربما هي شقيقة الدارمي او شقيقة الخوريات التركمانية فكلها تكتب بإختصار شديد ( عدد الكلمات، التنسيق الرائع، الايقاع المنظم، مفردات منتقاة) وفي داخلها (حزن مكبوت، واقعة أثرت على صاحبها، ألم الفراق، مضمون عتاب، الندم)، وهنا يجب ان أشير الى نقطة في غاية الأهمية حيث يحاول بعض المهتمين بهذا الشأن ان يجمع بين الومضة والهايكو! وهذا غير ممكن أطلاقا لان الأخيرة تكتب حصراً عن الطبيعة ( الجبال، التلول، الوديان، البحار والأنهار، المطر، الثلوج، الشمس، القمر، النجوم، وغيرها) امّا الومضة فمساحتها مفتوحة لكل المواضيع دون تحديد وفي هذا الشأن تقول الدكتورة الناقدة سماح عبدالحليم ان الومضة هي قصة قصيرة جداً وتسميها ((ومضة قصة)) في حديثها ( كيف تكتب قصة ومضة صحيحة البناء؟ العنوان (عتبة الومضة) : يُكتبُ في سطرٍ مُنفصل أعلى الومضة، ولا يُضاف معه أي رمز أو شكل هندسي أو خطوط ومن المهم جدًا لقوة الومضة ألا نُكرر العنوان داخل الومضة ويكون دائمًا اسمًا ولا يكون فعلًا وفي جسد الومضة يراعى استخدام الفواصل بين الجمل وتكون مُلتصقة تمامًا بالجملة التي تسبِقُها بينما تفصلها مسافة واحدة عن الجملة التي تليها وبعدها تُوضع نقطة النهاية ملاصقةً تمامًا للكلمة الأخيرة وتكتب جميع جُمل الومضة في سطرٍ واحد وليس أسفل بعضها كما يجب ان لا يكرر اللفظ الواحد داخل الومضة لانه يُضعفها ويستحسن استخدام الكلمة المرادفة لنفس المعنى هروبًا من التكرار. نموذج لومضات صحيحة (تَردُّد).. كُلَّما دفعَ الحنينُ قدَمَيّ؛ سرقَ الكبرياءُ حِذائي. (ضحالة).. ثاروا على الديكتاتورِ؛ اكتشفوا أن غالبيتَهم …. (غامِضٌ).. زرَعَتْ حوله علاماتِ استفهام؛ حجبَ عنها أشعةَ الحقيقة. (حَرِيصةُ).. جعلَتْ لكرامتِها عتبات؛ تعثَّرَتْ فيها الأقدامُ اللَّاهية. بعد هذه النماذج من الومضات المختارة التي كتبها شعراء من لبنان ومصر وسوريا ونشرت في نافذة الرابطة العربية للأدب، وفي هذا الصدد ايضاً يقول الشاعر اللبناني قيصر العفيف رئيس تحرير مجلة الحركة الشعرية (قصيدة الومضة هي نوع من القصائد المكثفة التي نتجت عن التجارب الشعرية القصيرة وشديدة القصر ايضاً فهي قدر الشعر لانها نجوة من التيبس والاختناق، وكأنها زخة من نظر البصيرة مثل نسمة تأتيك في رمشة إلهام وتكون على خطى همسة عرّاف من سلالة الجن مثل لمحة وشطحة ولوحة ويقظة) ووفق كل هذه المعطيات نستطيع ان نستنتج هذه الشروحات ان الومضة تنقسم الى فرعين ومضة قصة ومضة قصيدة والشاعر وحده قادر على إختيار أحدها والإبداع فيها حسب رقعة أفكاره وخزين كلماته وسعة خيالاته، نعود الى العراق ونكون مع (نادية الكاتب) الانسانة الشاعرة الهادئة على مدار السنوات والتربوية الناجحة في حياتها الدراسية والتدريسية واستطاعت ان تحصل على شهادة الدكتوراه في موضوع ( تحديد علاقة نقص الحديد لدى الأشخاص المصابين ببكتريا لولبية) جامعة تكريت كلية العلوم الصرفة سنة ٢٠١٧ والجدير بالذكر هنا ان معظم شعرائنا وأدبائنا الكرام من الحاصلين على شهادة الدكتوراه والاستاذية من خلال دراسات أخرى علمية لا علاقة لها بالأدب مع هذا تراهم يبدعون في ساحات الشعر والأدب،عرفتها والهدوء محياها وكلما ضاق بها الدهر تقول وبالمفردة الشعبية ( ياللا ميخالف) هي مفردتها الرائعة التي تنطقها بإيقاع حزين وربما تكون ومضتها الكلاسيكية التي تخبئ خلفها الشي الكثير من الهموم وتقول في أحداها: (الى رجال الحكاية في عيدهم لن اسامحكم ابدآ كان يمكن ان تكونو اقل قسوة)! من حقها ان تفعل هذا ولو كنت مكانها لن اسامح ابداً من كان بمقدوره ان لايكون قاسياً الى هذه الدرجة ويستعمل (قوة مفرطة) وكانت جدتي تقول هناك مثل شعبي تركماني ( حتى القطة عندما تخدش تترك مجالاً للعودة والمصالحة). وتقول ايضاً (قلبي فاكهة، يفسدها سوء التخزين). ياترى من ذا الذي يملك جهازاً ينبض بالعاطفة الجياشة ليخزن ذلك القلب الكبير ويحافظ عليه من الفساد؟ من بمقدروه ان يفعل ذلك؟ انت مثلاً .