اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو
رعب البدايات.. عند زهير بن أبي سلمى وجوستاف و ماركيز


تمنيت لو يوجد هنالك مايثبت شكوايَ؛ إن ادعيت الصعوبة التي رافقتني طيلة نيتي كتابة هذا المقال، الذي اريد ان أسلط فيه الضوء حول قلق البدايات الذي يساور الكتاب… حين يوَدهُم أن يَهيمون في أيٍ من أودية الكتابة الرحيبة،عجبًا !!يتوهم طيفٌ من الكُتّاب إنهم وحدهم يعانون من كتابة السطر الأول ، بيد إن هذا العناء يمثل أبرز نقاط الإلتقاء قوةً بين الكُتّابِ بما فيهم كبار كُتّابِ المقالة والرواية ، فيعتقد البعض ان صناعة الجـَذبِ في البدايات يجب أن لاتكون مسبوقةَ القول قبله ، وكيف يكون ذلك ؟! ! فها هو زهير بن ابي سـُلمى صاحب الملعقة الثالثة وأحدُ اكبر شعراء الجاهليةيقول : وما ارانا نقول إلا معاراً أو معادًا من لفظنا مكرورا فيما يلوح
في الضـّفة الأخرى من العجز ، احد اكبر كتاب القرن المـنصرم الروائي الكولومبي الملهم صاحب رواية ( مائة عام من العزلة ) وغيرها من الأعمال غابريل غارسيا ماركيز يقول اني ” لااحتاج إلا لتلك الجملة ” ويعني بها الافتتاحية حيثُ يقول : “لستُ أحتاج إلى للكلمة الأولى كي أنطلق”.. فما الذي يُوحـِشُك بطريق يسلكه
ماركيز ؟!! الا تـودُّ ان تكون بمنزلة الكاتب الفرنسي الشهير. جوستاف فلوبير صاحب رواية ” بوفار وبيكوشيه” هذا الرجل توقف ظهيرة كاملة عندما أراد أن يباشرَ السطر الأول من روايتهِ سالـِفةِ الذكر ، نعم إن حـُسنَ الابتداء غاية يطمح إليها جـُلُ الكتاب لأنه الاستهلال الذي من خلاله قد يتابع القارئ الكتابةَ أو قد يغادرها ،
وأما الخطيب القزويني فقد وصفـَها وصفاً عجيـباً حيث قال” جميل الابتداء هو ان يجعل الكلام رقيقًا سهلاً ، واضحَ المعاني ، مستقبلاً عما بعدَهُ في مناسبة المقام بحيث يجذبُ السـّامعَ إلى الاصغاء بكـُلـِّيتـهِ لأنه اول مايقرع السمع وبهِ يُـعرَفُ ماعندَه ، وبإمكان الجميع أن يكتب ، لكن ليس بمقدور الجميع أن يأخذ بتلابيبِ القارئ إلى النهاياتِ سيـّما وقارئ اليوم الذي بكبسة زُرٍّ يطالع انواع المقالات لكبار الكتاب ، إذ يختلف عن نظيره في الأمس الذي لايجد مايشغلُه عن إستكمال المقال وإن أخفق كاتبه بنظمه لغةً ، أو إنتقاؤه فكرةً ، فصعوبة وجود القارئ هي ذاتـها صعوبة صنع دهشة البدايات ، وأرَجـّحُ ان يكونَ التوقف والإحساس بالقلق عند الإستهلال عائدٌ بالدرجة الأولى لقوة ذائقة الكاتب فلماذا القلق اذًا ؟!! .