اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو
” رحيل الزهر ” ..للشاعرة التونسية آمال بوحرب

رحيل الزهر..رحيل الزهر..رحيل الزهر
بقلم د. آمال بوحرب
أمي…
في غيابك، سقطت أزهاري ………………………..…….
كأنما الدنيا كلها قد ذوت
ووحدتي، جراحٌ تنزف ببطء
تئنُّ في صمت ليلي الطويل
فكأن الأرض قد اختنقت
والزمان، قسوة تتلظى
عند أعتاب رحيلك
أمي…
عيناك كانتا لي نورًا
وفي عتمة الغياب،
أصبحتُ أسير ظلي
صوتك، رنّة حنين
تتردد بين الأضلع
لكن الحزن، كغيمة ثقيلة
غيم على قلبي ولجروحي
أمي…
أين وجنتك التي أدفئتني
وأحضانك التي أسكنتني
دهشة الحياة
وقفت، كتمثال من جليد
عند نافذتي المظلمة
يا من كنتِ ملاذي، مأمني
كيف رحلت فتمزقت أشرعتي
وأنتِ، في أعماق روحي
صورة لا تنسى، لا تبرح
أمي…
دونك، تلاشت الألوان
وبات ليل العمر بلا نجوم
وكل قصص الحب
تغفو على حافة الذاكرة
فلم يبق لي سوى الدعاء
لعينك المطفأة،
أن تُشرق في سماء روحي
دون كل القلق والألم، دون رجعة
فحديثك صار طيفًا طليقًا
يعود ليمزق الهدوء في غربتي.
أمي…
توسدتك بين ذراعي الذاكرة
أتخيلك، أراك ووجهك يتلاشى
كالضباب في صباحٍ موحش
فأدرك أن الحياة،
بقد أصبحت سردابًا
أعيش هناك، غريبًا
أنتِ، الوردة التي رحلت،
وتركتني أركض في دروب الغدر
أمي
أقاوم فقدا يكسرني
كأمواج عاتية، تردي إليّ
ذكرياتك في كل قرار،
وفي كل حكاية لم تُروَ،
وأشعر أنني أسير
على شواطئ الذكريات،
رافعًا جراحي في العراء
أمي…
أعيش
بين مخالب الغربة،
حيث كل الزوايا تحمل سيرة
لا تُخبرني إلا بتفاصيل الحزن،
كم تزينت أماكني بك،
كم تلحفت الصبر
كل زاوية تحتسي صدى ضحكاتنا،
تلك التي غابت مع الزمن
فأحس أن العالم من حولي
ظل و ذكرى حزينة
أمي…
فقدتك في كل زقاق
وفي كل زاوية من ذاكرتي،
وفي هذا البرد الذي يتسلل
بداخلي خلسة يذكرني
بأنني وحدي
أمضي، أبحث عن أثرٍ منك،
وفي كل مرة أستدير،
أجد ألما يحاصرني،
يسحقني تحت كعب الحزن،
فأنتِ، الزهرة التي أزهرت
في قلب زمنٍ غاير
وأنا أمشي وأهرول أحيانا
أعياني المسير .