اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو
“ورقة اعلامية – أدبية “.. فسحة العشاق ومتعة المشتاق في مسيرة شعراء العراق

فسحة العشاق ومتعة المشتاق في مسيرة شعراء العراق
بقلم : أ.الناصر السعيدي – تونس
*توطئة :
يقول الشاعر العظيم محمود درويش :” الشعر يولد في العراق،فكن عراقيا لتصبح شاعرا يا صاحبي”. هي بلاد الرافدين ، دجلة و الفرات ، و هي محضنة تاريخ شتى الحضارات الانسانية و الملاحم الفكرية ،و هي منارة العلم و الفن و القانون و الحرية و السلم منذ عهد الملك البابلي حمورابي ، وهي أعرق المدارس الأدبية في كل الأجناس أين تلألأت الكلمة في أسمى معانيها ، ومن أعلامها أفذاذ الشعر العربي أبو الطيب المتنبي
( الكوفة) والبياتي(بغداد) و معروف الرصافي(بغداد) والجواهري(النجف) وأحمد مطر (البصرة)والسياب (البصرة) ونازك الملائكة(بغداد) ومظفر النواب ( بغداد) وسعدي يوسف(البصرة) : عنقود شعراء حباته من معدن الذهب لأنهم رواد المدرسة الشعرية العربية على مر العصور ، والمتنبي يعتبر مدرسة شعرية فريدة من نوعها لا مثيل لها وقد ملأ الدنيا وشغل الناس وهو فوق الوصف وفوق الاطراء ، والعراق هي بغداد العلم والزوراء ودار السلام وعاصمة الرشيد ،و بابل هي المجد والبصرة هي العظمة ، مدن أرختها الأساطير والخرافات والقصص و القصائد لأن العراق هي عروس الوطن العربي ونبراسه ونجمه الثاقب ، وهي بكل المواصفات مركز توازن مع الطرف الغربي طالما العراق تختصر بين أحضانها عظمة التاريخ العربي المجيد ،و كل العرب من المحيط الى الخليج تعشق العراق لأنها ترتسم في الذاكرة الشعبية العربية قصيدا جميلا يتغنى به العندليب كاظم الساهر في ابداع طالما الإنسان العراقي يقول الشعر بالسليقة والفطرة يتذوقه منذ الصبا مع لبن الرضاعة وهو يتعطر بشذى دجلة وعبق الفرات ،والكل يقر بأن العراق أثرت المكتبات العربية بشتى عناوين الكتب والمجلدات والنشريات والمجلات والصحف، وصار شارع المتنبي ببغداد قبلة الزوار والوافدين لأنه بمثابة متحف للكتب وملتقى للأدباء والناشرين تحتضنك العناوين البراقة وتحاصرك من كل الزوايا وقد يسهر الزوار ليلتهم الى حد مطلع الفجر يتعطرون بصوت الجواهري والبياتي والنواب يلقون أجمل قصائدهم في شتى الأغراض حيث الابهار والترميز والايحاء والصور الشعرية المخضبة بالموسيقى في مدرستين شعريتين مختلفتين : الشعر العربي القديم القائم على التقليدية من حيث اللغة والموقف والصورة ، وشعر الحداثة بما فيه من مظاهر التجديد وكان الشعراء العراقيون سباقين ومؤثرين فيه شكلا ومضمونا ،وأنا أعتبر نفسي قد انتفعت من التجربة الشعرية العراقية وتتلمذت عنها في المرحلة الابتدائية بالبلاد التونسية مع جيلي( قصيدة الأرملة المرضعة للشاعر معروف الرصافي أنموذجا) وفي المرحلة الثانوية ( تجربة المتنبي الشعرية مثالا ) وفي مرحلة التعليم العالي حيث كان الطلبة في شتى التظاهرات التي تعيشها الكليات يرفعون شعارات الثورة المتضمنة لشعر الحماسة للجواهري والنواب وأحمد مطر ثم تواجدنا في عديد الملتقيات الأدبية التي كانت تتناول بالبحث التجربة الشعرية لكل من البياتي والسياب وسعدي يوسف ونازك الملائكة باعتبارهم رواد الشعر العربي المعاصر وهو أحد العناوين الثقيلة والهامة التي تؤثث ملامح الأدب العراقي وقد أثرى الفكر والأدب العربي ماضيا وحاضرا ، وهو للأمانة يتطلب دراسات ثرية ومحاضرات قيمة ومداخلات عميقة لأنه يستحق كل هذا ، ونحن نقر هنا بأننا أتينا عليه بالقليل القليل كغيض من فيض وذلك من باب أن الشعر العراقي يدغدغنا ويستفزنا ويشاكسنا حبا وودا ومتعة .