اخر الاخبارثقافة وفنونقسم السلايد شو

قراءة تحليليّة أدبيّة في قصيد للشّاعرة التونسية حياة بن تمنصورت

 

ورقة أدبيّة 

   

بقلم : أ .  النّاصر السعيدي

*نصّ القصيد :
” ترتاح يداي بالقرب منّي
على مقعد بلا ظلّ
عيناي تتابعان العالم تحاولان هضمه
المشاهد كانت عصيّة على التقيّؤ
اصابتني قرحة مزمنة في روحي بينما تيبّس صوتي
حين يستعصي على جسدي الحبّ
يتيبّس صوتي
يمرّ القطار بعد قليل
لا قلب ينبض في لساني حتّى اصرخ في سائق القطار : انتظرني
ولا أقدام تقتفي مسارب الضّوء
مرّ القطار
العالم يواصل لعبته
ويداي ترتاحان بالقرب منّي
على مقعد بلا ظلّ “
ليس غريبا أن تكتب حياة بن تمنصورت الشّعر في أسمى معانيه وأرقى مستوياته ،وتدعّم هذا العطاء الأدبي بإصدار مجموعتها الشّعريّة الأولى : ” قصيدتان و أغنية ” ، وهي أستاذة اللّغة والآداب العربيّة ، لندرك وقتها أنّنا في حضرة شاعرة أكاديميّة بامتياز ، كاملة الأوصاف وتامّة الشّروط في خانة الفعل الأدبي ، إضافة إلى ذلك فشاعرتنا هي ابنة جربة جزيرة الأحلام وأرض الخرافات والحكايات والأساطير والألغاز بين المكان والزّمان ، وهي البحر بأسراره وامتداده والطّبيعة الغنّاء بجمالها وطقوسها وقداستها ، ممّا خلق لدى أهلها ميزة الحديث وفصاحة اللّسان والخيال والتّصوير والتّعبير فتوارثوا الشّعر وأبدعوا في كتابته قولا ونظما ورسما وتزويقا ونسجا وصار من ثوابت ومقوّمات موروثهم الشّعبي ، صورة طبق الأصل لهذا القصيد الذي تمتّعنا بقراءته رغم أنّه أربكنا وهزّنا بعنف وأقضّ مضجعنا لأنّه جاء ثريّا بالغموض والتّرميزوالإيحاء ، وأتقنتْ فيه شاعرتنا لعبة المكان والزّمان وهي ثنائيّة الإبهار والإبداع لدى الشّعراء رغم أنّ المكان ثابت بينما الزّمان متحرّك ،وحتما وظّفت شاعرتنا هذه المعادلة عن وعيٍ ، ممّا جعل المتلقّي يلتصق بالقصيد ويلتحم بمضمونه رغبة منه في فهمه من خلال قراءة نقديّة أدبيّة خاصّة أنّه جاء دون عنوان ، ممّا جعل القارىء يتحرّر من قبضة ورقابة العنوان فدخل مباشرة إلى أروقة النصّ الشعريّ ليتفسّح فيها كما يشاء ، وللأمانة قرأتُ هذا القصيد للشّاعرة حياة بن منتصورت عدّة مرّات ،فلم اقدر على ضبط وتحديد عناصر السّرد فيه ولم أميّز خاصّة بين المقدّمة وسياق التحوّل والخاتمة لأنّ الأحداث أخذتْ مسارات متشابكة ومنعرجات ملتوية ارتسمتْ مثل المشاهد السّنمائيّة خاصة تلك السّيناريوهات التي تبدأ بالخاتمة وتنتهي بالمقدّمة كإبداع فنّي وخيالي رغبة في الإبهار وشدّ المتفرّجين ، ممّا جعلني من جهة التفاعل الإيجابي أعيد كتابة هذا النصّ الشعري باختصار في تشكّل مغاير أروم فيه ترتيب الأحداث ترتيبا سليما حسب تصوّري دون التعسّف على النصّ الشعري الأصلي :
” يمرّ القطار بعد قليل
لا قلب ينبض في لساني حتّى أصرخ
في سائق القطار، انتظرني
ولا أقدام تقتفي مسارب الضّوء
مرّ القطار
ترتاح يداي بالقرب منّي
على مقعد بلا ظلِّ
العالم يواصل لعبته
عيناي تتابعان العالم تحاولان هضمه
المشاهد كانت عصيّة على التّقيّؤ
ويداي ترتاحان بالقرب منّي . 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق